سورة الأحزاب - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ} يعني سنة الله في الأنبياء الذين يبلغون رسالات الله {وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ} لا يخشون قالة الناس ولائمتهم فيما أحلّ الله لهم وفرض عليهم، {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} حافظا لأعمال خلقه ومحاسبهم. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج زينب قال الناس: إن محمدا تزوج امرأة ابنه فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} يعني: زيد بن حارثة، أي: ليس أبا أحد من رجالكم الذين لم يلدهم فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها.
فإن قيل: أليس أنه كان له أبناء: القاسم، والطيب، والطاهر، وإبراهيم، وكذلك: الحسن والحسين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحسن: إن ابني هذا سيد؟.
قيل: هؤلاء كانوا صغارا لم يكونوا رجالا.
والصحيح ما قلنا: إنه أراد أبا أحد من رجالكم.
{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ختم الله به النبوة، وقرأ عاصم: {خاتم} بفتح التاء على الاسم، أي: آخرهم، وقرأ الآخرون بكسر التاء على الفاعل، لأنه ختم به النبيين فهو خاتمهم.
قال ابن عباس: يريد لو لم أختم به النبيين لجعلت له ابنا يكون بعده نبيا.
وروي عن عطاء عن ابن عباس: أن الله تعالى لما حكم أن لا نبي بعده لم يعطه ولدا ذكرا يصير رجلا {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.
أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني، أخبرنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد الخذاشاهي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم، حدثنا أبكر الجوربذي، أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة قال: كان أبو هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه، ترك منه موضع لبنة فطاف به النُّظارُ يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة لا يعيبون سواها فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان وختم بي الرسل».
أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني، أخبرنا علي بن أحمد الخزاعي، أخبرنا الهيثم بن كليب الشاشي، أخبرنا أبو عيسى الترمذي، أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وغير واحد قالوا، أخبرنا سفيان عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لي أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي».


قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} قال ابن عباس: لم يفرض الله تعالى فريضة إلا جعل لها حدًا معلومًا، ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر، فإنه لم يجعل له حدًا يُنتهى إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه إلا مغلوبًا على عقله وأمرهم به في كل الأحوال، فقال: {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} [النساء- 103]. وقال: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} أي: بالليل والنهار، في البر والبحر وفي الصحة والسقم، وفي السر والعلانية. وقال مجاهد: الذكر الكثير أن لا تنساه أبدًا.


{وَسَبِّحُوهُ} أي: صلوا له، {بُكْرَةً} يعني: صلاة الصبح، {وَأَصِيلا} يعني: صلاة العصر. وقال الكلبي: {وأصيلا} صلاة الظهر والعصر والعشاءين.
وقال مجاهد: يعني: قولوا سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فعبر بالتسبيح عن أخواته.
وقيل: المراد من قوله: {ذكرًا كثيرًا} هذه الكلمات يقولها الطاهر والجنب والمحدث. {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} فالصلاة من الله: الرحمة، ومن الملائكة: الاستغفار للمؤمنين.
قال السدي قالت بنو إسرائيل لموسى: أيصلي ربنا؟ فكبر هذا الكلام على موسى، فأوحى الله إليه: أن قل لهم: إني أصلي، وأن صلاتي رحمتي، وقد وسعت رحمتي كل شيء.
وقيل: الصلاة من الله على العبد هي إشاعة الذكر الجميل له في عباده. وقيل: الثناء عليه.
قال أنس: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَه، يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} قال أبو بكر: ما خصك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه، فأنزل الله هذه الآية.
قوله: {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي: من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان يعني: أنه برحمته وهدايته ودعاء الملائكة لكم أخرجكم من ظلمة الكفر إلى النور، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} {تَحِيَّتُهُمْ} أي: تحية المؤمنين، {يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} أي: يرون الله، {سَلامٌ} أي: يسلم الله عليهم، ويسلمهم من جميع الآفات.
وروي عن البراء بن عازب قال: {تحيتهم يوم يلقونه}، يعني: يلقون ملك الموت، لا يقبض روح مؤمن إلا يسلم عليه.
وعن ابن مسعود قال: إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام.
وقيل: تسلم عليهم الملائكة وتبشرهم حين يخرجون من قبورهم {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} يعني: الجنة.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11